كيف يكون العبد تقيا متسامحا؟
قال عز وجل جلاله{:يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوااللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ} آلعمران:102.
قال بعض السلف: التقوى: أن تعمل بطاعة الله، على نور من الله، ترجو ثواب الله، وأن تترك معصية الله، على نور من الله، تخاف عقاب الله.
وقال ا بن جريررحمه الله: اتَّقُوااللَّهَ: خافوا الله، وراقبوه بطاعته،واجتناب معاصيه.
وقال ابن مسعود في قوله:حَقَّ تُقَاتِهِ.: قال: أن يُطاع فلا يُعْصَى، وأن يُذْكَر فلا يُنْسَى، وأن يُشْكَر فلايُكْفَر .
و قال النبي صلى الله عليه وسلم: اتَّقِ اللَّهِ حَيْثُمَا كُنْتَ، وَأَتْبِعْ السَّيِّئَةَالْحَسَنَةَ تَمْحُهَا، وَخَالِقِ النَّاسَ بِخُلُقٍ حَسَنٍ.رواه أحمد والترمذي والدارمي وحسنه الألباني.
قال ابن رجب الحنبلي رحمه الله في شرحه للحديث السابق: والتقوى وصيةُ الله للأوّلين والآخرين. قال تعالى: ( وَلَقَدْوَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِاتَّقُوا اللهَ ) (النساء:131)
وأصلُ التّقوى : أنْ يجعل العبدُ بينَه وبينَ مايخافُه ويحذره وقايةً تقيه منه ، فتقوى العبد لربه أنْ يجعل بينه وبينَ ما يخشاه منربه من غضبه وسخطه وعقابه وقايةً تقيه من ذلك، وهو فعلُ طاعته واجتنابُمعاصيه.
وقال أبو حامد الغزالي رحمه الله: إنما الفضيلة فى أمر هذه النفس أن تقوم عليها بقوة العزم فتمنعها عن كل معصية، وتصونها عن كل فضول،فإذا فعلت ذلك كنت قد اتقيت الله تعالى فى عينك وأذنك ولسانك وقلبك وبطنك وفرجك وجميع أركانك، وألجمتها بلجام التقوى،...
وأما الذي لا بد منه هاهنا فأن نقول: من أراد أن يتقي الله فليراع الأعضاء الخمسة فإنهن الأصول: وهى العين والأذن واللسان والقلب والبطن، فيحرص عليها بالصيانة لها عن كل ما يخاف منه ضرراً في أمر الدين من معصية وحرام وفضول وإسراف من حلال، وإذا حصل صيانة هذه الأعضاء فمرجو أن يكف سائر أركانه، ويكون قد قام بالتقوى الجامعة بجميع بدنه لله تعالى.
و يكون العبد متسامحا... بالسماحة، وهي كما قال الجرجانيّ في التعريفات أن المراد بها: بذل ما لا يجب تفضّلا.أو كما قال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث أنّ المقصود بها: الجود عن كرم وسخاء.
وقد قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: مَاالْإِيمَانُ ؟ فقَالَ: الصَّبْرُ وَالسَّمَاحَةُ.رواه أحمدوصححه الألباني.
قال ابن القيم معلقًا على هذا الحديث: وهذا من أجمع الكلام وأعظمه برهانا و أوعبه لمقامات الإيمان منأولها إلى آخرها ، فإن النفس يراد منها شيئان :
1- بذل ما أمرت به وإعطاؤه، فالحامل عليه : السماحة .
2 - وترك ما نهيت عنهوالبعد عنه، فالحامل عليه : الصبر، - من مدارج السالكين .
ويكون التسامح مع الغير في المعاملات المختلفة بتيسير الأموروالملاينة، والتنازل عن الحقوق والإنصاف من النفس والعدل مع الآخرين، والإحسان إليهم والتغاضي عن هفواتهم، ومن كان سمح النّفس كان حسن المصاحبة لإخوانه ولأهله ولأولاده ولخدمه ولكلّ من يخالطه أو يرعاه.
نسأل الله أن يجعلنا جميعا من المتقين
و صل اللهم على سيدنا محمد و على آله وصحبه اجمعين.
مما قراته